لهيب الصحراء - انفجارات في تيندوف [ 25 ]
رواية لهيب الصحراء هي حكاية عن مقاتل داعشي يراجع أفكاره خلال عملية بين ليبيا والمغرب حين يكتشف فساد أفكار داعش، وتحكم بعض الأنظمة العربية فيها. خلال رحلة أبي حفص عبر صحراء ليبيا، متوقفا في مخيمات تيندوف في الجزائر، يكتشف العلاقات السرية بين أمير داعش في ليبيا والمخابرات الجزائرية. يجد أبو حفص نفسه في مواجهة التناقضات التي يرزح تحتها الفكر الداعشي، وكيف أن القادة يصطادون الشباب مستغلين لحظات ضعفهم الإنسانية لملئ رؤوسهم بأفكار متطرفة وفاسدة. حين يقرر أبو حفص التخلي عن العملية والهروب من سجن أفكار داعش، يجد أمامه ضابطا من المخابرات الجزائرية لهما معا تاريخ مشترك، وعندها تبدأ المواجهة، ويشتعل اللهيب في الصحراء.
[ 25 ]
طرقت مسامع أبي حفص أصوات المروحية الروسية مي-8 ففتح عينيه ونهض بنشاط كأنه نام الليل طوله، وربت على كتف الأخ يونس فاستيقظ مرتبكا.
”معذرة أبا حفص، غلبني النوم ولم أستطع إيقاظك.“
”لا عليك،“ ابتسم أبو حفص والتمع بياض أسنانه. ”فلنصلي الفجر الآن. أمامنا ربع ساعة قبل أن تبدأ خطة هروبنا.“
”وعدتني أن تخبرني التفاصيل عند استيقاظك.“
”أين المتعة والتشويق إذا أخبرتك كل التفاصيل؟“
رسم الأخ يونس على وجهه تكشيرة غضب لم يفلح بخداع أبي حفص بها فضحك الاثنان معا، ثم بدءا التيمم وقاما للصلاة، التي ما كادا يتماها حتى دوى صوت الانفجار.
”توكلنا على الله. هيا بنا.“
قام أبو حفص وتبعه الأخ يونس إلى الخارج، فرأيا سحابة من الدخان تعلو المنطقة الادارية.
”تعرف ماذا يحدث؟“
سأل الأخ يونس وبقي أبو حفص صامتا يترقب، حتى انطلق انفجار ثان تبعه بعد ثواني انفجار ثالث، فأمسك بذراع الأخ يونس وسحبه معه في اتجاه الزنزانة العاشرة.
ارتفع اللغط في المخيم وعلت الصراخات. بدا كأن القسم الاداري يتعرض لهجوم شامل.
سمع أبو حفص من أجهزة الاتصال لدى الحراس نداء طوارئ لإطفاء الحريق في مخزن الحبوب والأطعمة. عمت الفوضى في المخيم وبدأ السجناء يهللون في حين تجاهل الحراس كل ذلك وانطلقوا يجرون في اتجاه المخازن.
اقترب أبو حفص مع الأخ يونس من الزنزانة العاشرة فاستقبلتهما ابتسامة العقيد رشيد ورقصات جمال.
انطلق الانفجار الرابع، وبدا كأن أبواب الجحيم انفتحت في المخيم.
بقي أبو حفص والعقيد رشيد يترقبان بصمت حتى سمعا الأزيز ورأيا المروحية قادمة، فانطلق أربعتهم يجرون إلى نهاية صف الزنازين حيث ستنزل المروحية لالتقاطهم.
التفت أبو حفص ورأى المروحية تقترب، ثم انقبض قلبه حين رأى صاروخا ينطلق، من مكان بعيد خلف المباني الادارية، ويرتفع قليلا إلى السماء ثم ينزل متوجها نحو المروحية.
لاحظ أبو حفص أن طيار المروحية انتبه للصاروخ فارتفع بها ليهرب منه، لكنه يدرك أن هذا النوع من المروحيات لا يملك قدرات كبيرة على المناورة ويصعب عليه الإفلات من صاروخ موجه. عادت المروحية تنخفض وهي تقترب من جهة الزنازين، ثم رأى أبو حفص كتلة سوداء تطير من المروحية في ذات اللحظة التي وصل فيها الصاروخ، وانفجرت الطائرة، ومعها سقطت قلوب الرجال الأربعة ومات أملهم في الهروب.